بسم الله الرحمن الرحيم
الإذاعة الصباحية
( بداية العام الدراسي الجديد
*************
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحابته أجمعين وبعد ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، نحييكم في بداية هذا العام الدراسي ونسأل الله لنا ولكم العون والتوفيق .. ايها الحضور خير بداية لنا القرآن الكريم ... [ ]
• معاشر الطلبة ، ها قد عدتم ـ بحمد الله ـ إلى مقاعد الدراسة، والعَوْدُ أحمد إن شاء الله، فكيف بدأتم هذا العام؟ هل جددتم النية وأخلصتموها لله جل وعلا في طلب العلم؟! هل تتذكرون يوم أن تسعوا كُلَ صباح إلى أماكن الدراسة قولَ المصطفى : ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة))؟! هل تستحضرون تقوى الله في طلبكم للعلم والله يقول: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282]؟!
• أُخيّ يا رعاك الله، إنه ليتألم الفؤاد ويضيق العقلاء ذرعًا عندما نراك حزين القلب كسير النفس، لمه ؟ لأن الدراسة بدأت . يا الله ألا ترى الأمم الأخرى في الشرق والغرب تفاخر الأمم بصناعتها وتعلمها وأجيالها؟! وأنت تتبّرم كثيرًا، وتعطي الدعة والكسل والراحة من وقتك شيئًا كبيرًا، قل لي بالله عليك: ماذا تتعلم في مدرستك؟ ألست تدرس كتاب الله وتتعلم توحيد خالقك وتتفقه في دينه وتقرأ شيئًا من تفسير خطابه وتسمع لطرف من سنة نبيه وغيرها من المواد الاجتماعية والعلمية التي تبصرك في أمر دنياك؟! أأنت تكره هذا؟! لكنها الحقيقة يوم تغيرت النيات، وأصبح العلم لينال به الرتب وتستلم به الشهادات ويرتقى به في درجات الوظائف والمرتبات، أصبح العلم هنا ثقيلاً، وإلا أسلافنا طلبوه في حرّ الرمضاء وفي الليلة الظلماء، لحاف بعضهم من أديم السماء، وفراشه الغبراء، ومع ذلك لذته فيه لا توصف، ونهمهم منه لا ينتهي، لمه؟ لأنهم طلبوه لله، نعم لا لغيره، طلبوه ليكشفوا عن وجوههم أقنعة الجهل، ويخلعوا عن أكتافهم أردية الجهالات.
• أيها الإخوة الطلاب، لا أظن أنكم تحتاجون إلى من يذكّركم بآداب طلب العلم والتزام الأخلاق الفاضلة.
لا تحسبنَّ العلمَ ينفعُ وحدَه ما لَم يُتَوَّجْ رَبُّهُ بِخَلاقِ
ما مدى أدبكم مع معلميكم وأساتذتكم ؟! ما مبلغ الأدب فيكم مع زملائكم؟! فالأدب مفتاح العلم، والاحترامُ والتقديرُ أساسُ الطلب، فيتعلمُ الطالبُ أدبَ الجلوسِ وأدبَ الاستماع وأدبَ السؤالِ والإنصاتِ وأدبَ الاعتذارِ والاستدراك.
إنّ ابنُ عباس ـ رضي الله عنهما ـ ابنُ عم رسول الله ما منعه نسبه وعلو منزلته حين يبلغه الحديث عن رجل أن يأتي بابه وهو قائلٌ نائم، ولندع ابنَ عباسٍ يكمل ويصور حاله فيقول: فأتوسّد ردائي على بابه، تسْفِي الريح عليّ من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله، ما جاء بك؟! هلاّ أرسلت إليّ فآتيك؟! فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث. هذا هو الأدب حقًا.
• قال بعض الشعراء مبينًا مَغَبَّة ازدِرَاء المعلّم، قال الشاعر:
إن المعـلمَ والطبيبَ كلاهُما لا يَنْصَحَانِ إذا همـا لم يُكْرَمَـا
فاصبر لدائك إن أهنتَ طَبِيبَهُ واصبر لجهلك إن جَفَوْتَ مُعلّما
وقال الآخر:
قُمْ للمعلّم وَفِّهِ التَّبْجِيـلا كاد المعلمُ أن يكونَ رسولاً
قال بعض العلماء: "من لم يتحمل ذُلَّ التعلمِ ساعةً بقي في ذُلّ الجهل أبدًا".
وينبغي أن يبدأ الطالب دراسته بكل همة ونشاط ومتابعة ودراسة؛ لكي يُحَصِّل أكثر وأكثر. قال يحيى بن أبي كثير: "لا يُسْتَطاعُ العلمُ براحة الجسم" رواه مسلم، يقول أحد العلماء: "من لم تكن له بداية مُحْرِقة لم تكن له نهاية مُشْرِقة".
ونجدها فرصةً لنقف مع الطلاب وقفة مهمة فنقول : أخي الطالب، ما نوع الزملاء والأصدقاء الذين تختارهم وتصطفيهم لرفقتك وصحبتك في المدرسة وفي الشارع والحارة ؟ هل هم من النوع المرضي في دينه الذي يعينك على الخير ويدلك عليه، أم هم من النوع المسخوط في دينه الذي يدعوك إلى الرذائل ويسوّغ لك فعل الباطل؟! تذكّر أن النبي يقول: ((المرء على دين خليله))، ويقول أيضًا: ((المرء مع من أحب))، ويقول: ((لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي)).
إذا ما صحبتَ القوم فاصحبْ خِيارَهم ولا تصحبِ الأرْدَى فتَرْدَى مع الرَّدِي
نسأل الله للجميع العلمَ النافعَ والعملَ الصالح، اللهم علمنا ما ينفعنا، وزدنا علمًا وعملاً يا رب العالمين...
• رسالتنا الثانية هي مختارات من كلمة لسماحة مفتى عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حيث يخاطب المعلمين بقوله :
رجالَ التعليم من إداريين ومعلمين، ذكوراً وإناثاً، الواجب تقوى الله في الأمور كلها، ومن ذلكم أن أبناءنا وبناتنا قد نشاهد أحياناً من يتخلف ولا يحضر الدراسة، يخرج من بيت أهله بزعم أنه يذهب إلى المدرسة وإذا هو يتسكع في الطرقات، فما هو العلاج لتلافي تلك الأخطاء وتداركها عند حصولها؟ لا بد أن يكون المعلم ورجال التعليم على اتصال بالبيت والمنزل، حتى يتعاون الجميع على إصلاح هذا النشء وإبعاده عن كل من يريدون اختطافه وصده عن كل خير.
أيها المعلمون جميعاً، إن بعض أبنائنا ربما ألفُوا السهر في الليالي، ربما ألفوا السهر الطويل، فأتوا إلى مدرجات التعليم وهم في غاية من الضعف لا يستفيدون ولا ينتفعون، لماذا؟ لأن معظم الليل قد ذهب ما بين أجهزة الكمبيوتر وما إلى ذلك، فبماذا نعالجهم؟ بأي شيء نوصل الخير إلى نفوسهم؟ لا بد أن نوجههم، لا بد أن نأخذ بأيديهم، لا بد أن نحذرهم من المواقع السيئة وساحات الرذيلة الهابطة، أن نحذرهم منها لنصون كرامتهم. إن كثيراً منها تغرس في النفوس الرذائل، وتقتلع منها كل خير، فلا بد أن نقابل هذا المد السيئ بدعوة إلى الله وإصلاح وإرشادٍ وتحذير للنشء من هذه الأمور السيئة، وأن يتابع المعلم والمعلمة هذا التحذير وهذا التوجيه للأمة ألا ينزلقوا في السهر على تلك الأجهزة التي تحمل في طياتها كثيراً من الشرور والفساد والبعد عن الهدى. لا بد من تربية صالحة، وحث الجميع على أخذ العلم بقوة، والاستفادة من الوقت، وألا يضيع بين هذا الإعلام الجائر الذي يحاول إبعاده عن دينه، لا بد أن نحذرهم من هذه الحملات السيئة، والإعلام الهابط الذي تحمله القنوات وما شاكلها من دعوة إلى الرذيلة، وإبعاد المسلم عن الفضيلة، لا بد من توجيه سليم وقيامٍ بهذه المهمة، فإن هذا واجب المعلم والمعلمة، وواجب رجال تعليم، إن تحصين شبابنا وتربيتهم التربية الصالحة وتحذيرهم من هذه الأخطاء المنحرفة هو الوسيلة بتوفيق من الله إلى الإصلاح.
وشكرًا لاستماعكم ن وغلى لقاء قادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته